١٥‏/٦‏/٢٠١١

حان ميعاد المبادرة العربية لحل شامل

إليكم قصة شعبية مسلية حدثت في العصر العباسي زمن الخليفة هارون الرشيد، في النصف الثاني من القرن الثامن. الحديث عن عصر تنمية وازدهار الشعر والعلوم والرياضيات سُمي 'العصر الذهبي العباسي'.
تقول القصة ان الخليفة توجه الى الشاعر الأكثر شهرة في ذلك العصر، أبي نُوَاس، الذي اشتهر بلسانه الذلق وطلب اليه ان يفكر في وضع يكون فيه الاعتذار أشد من الفعل.
لاحظ أبو نُواس الذي كان يألف بلاط الرشيد، الخليفة يرتدي عباءة فضفاضة فخمة، وبدأ يمشي بهدوء على أثره من غير أن يلحظه.
وعندما اقترب منه مد أبو نواس يده بحركة معيبة الى مؤخرة الخليفة. استدار الخليفة وقد فاجأه الوخز ليرى من هو الوقح الذي تجرأ على المس بجلالته. 'ألا تستحي؟'، قال لأبي نواس موبخا، 'معذرة يا سيدي، اعتقدت أنك صاحبة الجلالة زبيدة'.
سُئل في المدة الاخيرة وزير الخارجية البحريني عن بواعث قرار مجلس دول الخليج على ضم الاردن والمغرب، وهو القرار الذي سبب الدهشة في الصحف العربية وتحليلات كثيرة مؤيدة ومعارضة.
وأنكر دعاوى عن أن الباعث هو تعاون عسكري لمواجهة التهديد الايراني، واستل تفسيرا يفضي الى اختلاف في الرأي أكبر في واقع الامر كما فعل أبو نواس بالضبط: 'الهدف هو دعم الاردن الذي له حدود مشتركة مع الاراضي المحتلة، مع عدم وجود مسيرة سياسية'. وهكذا يُبكشف عورة الاردن الذي يخشى حلا فلسطينيا في أراضيه مع عدم وجود محادثات سلام.
اضطرت البحرين الى الاستنجاد بقوة مشتركة للخليج لمواجهة التهديدات الشيعية بتشجيع ايراني. وهي تخشى مثل بلدان مجاورة موجة الاحتجاجات التي تهز العالم العربي. من الواضح للجميع انه يُحتاج الى اصلاحات للمساواة بين الشيعة وأهل السنة وبين الرجال والنساء. ويخشى الاردن الذي طلب رسميا الانضمام الى المجلس تدفق النازحين
من سورية الى داخله وتحديات داخلية من اجل اصلاحات أكثر.
أمامنا فرصة ذهبية يبحث فيها المحور المعتدل من نظم الحكم الملكية عن تنظيم جغرافي سياسي جديد لمواجهة التسونامي في المنطقة الذي لا يتضح الى أين يقود. التهديد الايراني هو في واقع الامر الرابط الذي يجمع بين جميع دول المنطقة وإن لم يتحدث أحد في ذلك بصوت جهير. هذه الدول المعتدلة مفتوحة للتعاون والاستثمارات الاجنبية، وقادرة على انشاء ممالك هاي تيك تستطيع اسرائيل ايضا ان تشارك فيها وذلك اذا نشأ أفق سياسي لحل الصراع مع الفلسطينيين.
هذا هو الدين الذي بقي في أعناق هذه الدول برغم أنها مشغولة بمشكلات داخلية. يُدعى المجلس الى اظهار مشاركة عميقة في الصراع كما يقود الى حل في اليمن وتدخل لصالح المتمردين في ليبيا إزاء ضعف الجامعة العربية.
هناك مكان للفحص من جديد عن المبادرة العربية
التي عُرضت مرة ثانية في 2007 وملاءمتها لصيغة اوباما الجديدة لحل شامل مع الدول العربية، بل ان المبادرة العربية حظيت بالذكر من قبل رئيس الموساد التارك عمله دغان باعتبارها خيارا لحل شامل للصراع. والمبادرة ايضا ستجلب مكاسب على الشعوب العربية التي تئن تحت نير الفقر والتخلف.

' محللة ومحاضرة في شؤون الشرق الاوسط وناشطة في تقديم السلام في المنطقة
معاريف 14/6/2011
















٢٣‏/١‏/٢٠١١

اين هي حركات السلام الاسرائيلية؟ عن دويتشة فيلة


طرح مشروع قرار تقدم به حزب إسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية ليبرمان، للتحقيق مع منظمات حقوقية إسرائيلية حول مصادر تمويلها، تساؤلات حول نية حكومة نتانياهو التضييق على هذه المنظمات وحركات السلام. فأين صوت هذه الحركات؟


"عندما أسسنا حركة "السلام الآن" في  1978 فإن جزءا بسيطا من الجمهور الإسرائيلي فكر أن حل النزاع يكمن في تسوية مع الفلسطينيين، إقامة دولة فلسطينية والانسحاب إلى حدود 1967. وبعد مرور أكثر من 30 عاما من النشاطات فإن جميع الأحزاب تقريبا تدرك ضرورة حل الدولتين". هذا ما قاله  تسيلي ريشيف من زعماء حركة السلام الآن سابقا في مؤتمر في جامعة تل أبيب. وتركز الحركة في السنوات الأخيرة على موضوعين: وقف الاستيطان ومعارضة هدم المنازل غير المرخصة في شرقي القدس.

حركات السلام وصناع القرار
أما الكاتب والمحلل السياسي إيلي عمير، من حزب العمل الذي كان يقوده وزير الدفاع إيهود باراك، فيقول في لقاء مع دويتشه فيله بأن "حركات السلام كانت تستمد قوتها من حزبي العمل وميريتس (اليساري) عندما كانا في الحكومة، كما أن قسما من مؤيديها كانوا أعضاء في الحزبين. غير أن ضعف قوة الحزبين السياسية وافتقارهما إلى زعماء قياديين ناهيك عن الانقسامات الداخلية، أثر بدوره على معسكر السلام". ويبلغ عدد مقاعد الحزبين في الكنيست  الحالية 17 مقعدا بالمقارنة مع 56 مقعدا عشية اغتيال رئيس الحكومة اسحق رابين.

محطات شلل
سجلت الانتفاضة الثانية عام 2000 نقطة تحول كبيرة في تاريخ حركة "السلام الآن". فقد الجمهور الإسرائيلي إثرها ثقته بالجانب الفلسطيني بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، أو ما تردد وقتها من رفض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قبول "عروض سخية" قدمها رئيس الحكومة الإسرائيلية يومها، وزير الدفاع الحالي، إيهود باراك. وفسرت غالبية الجمهور انفجار الانتفاضة الثانية مناورة سياسية للتهرب من اتفاقية سلام. ساهمت هذه الأحداث  في تفريغ مخزون الثقة الذي وظفه الجمهور في اتفاقية أوسلو، فيما كان رد حماس على انسحاب إسرائيل  من غزة القشة التي قصمت ظهر البعير.

تغير نمط الاحتجاج
ولاشك أن دور حركة "السلام الآن" تراجع على الساحة السياسية، غير أنها كانت مصدر إلهام لما يقارب خمس عشرة حركة سلمية واحتجاجية مثل حركة "النساء الأربع"، التي نادت بالانسحاب من جنوب لبنان. وكذلك "تحالف النساء من أجل السلام"، التي تضم عشر منظمات نسائية إسرائيلية وناشطات فلسطينيات، ومبادرة جنيف التي تقوم بحملات في المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني تؤيد العودة إلى المفاوضات من أجل حل الدولتين.

الشبكات الاجتماعية بدلا من الحشود الشعبية
كما برزت حركة "محسوم واتش"، أي لا للحواجز، بقيادة مجموعة من النساء الإسرائيليات. وتنشط هذه الحركة من خلال مراقبة هؤلاء النسوة للحواجز العسكرية بهدف التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. كذلك فتح تطور تكنولوجيا المعلومات والشبكات الاجتماعية أفقا جديدا بوجه عدة حركات سلام تموضعت على صفحات فيسبوك الذي يخلف الشارع أحيانا. وتحرص حركة "تضامن شيخ جراح" ـ وهي حركة تضم نشطاء من اليهود والعرب للتضامن مع سكان حي الشيخ جراح بالقدس ـ تحرص على التظاهر بصورة سلمية مرة كل أسبوع  ونشاطها الأكثر حضورا ودأبا يظهر على الموقع الالكتروني.

التجاذب الحزبي يقيل اليسار
" أقيل اليسار الإسرائيلي من الخارطة السياسية، بسبب التجاذب الذي طرأ على مواقف الأحزاب الرئيسية في إسرائيل". بهذه العبارة يلخص الدكتور ألون ليئيل، الخبير في العلوم السياسية ومدير عام وزارة الخارجية سابقا، في حوار مع دويتشه  فيله وضع اليسار الإسرائيلي. فقد دخل حزب العمل في مأزق إثر دخول حزب كديما، بزعامة وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، الحلبة السياسية وتمركزه في الوسط، بعيدا عن الليكود، حزب رئيس الوزراء بنيامين ناتنياهو، وتقمصه مواقف حزب العمل وقبول مبدأ الدولتين.

نظرية لولب الصمت
ويضيف الدكتور ليئيل بأن "اليسار الجديد أكثر تطرفا مما كان عليه في السابق. وهو في هامش المجتمع الإسرائيلي، الأمر الذي يجعل التعاطف معه  شبه خيانة، كما أن الإعلام الإسرائيلي يتغاضى عنه". ووفقا لنظرية "لولب الصمت أو دوامة الصمت" للباحثة الألمانية إليزابيث نويله ـ نيومان، فإن حجب آراء الأقلية في الإعلام يدفع بمؤيدي هذه الآراء إلى اللجوء إلى الصمت خوفا من العزلة الاجتماعية، فتبقى أفكارهم غير مقبولة لدى عامة الشعب.

 الأخطاء التي وقع فيها اليسار
وبدوره يشير الكاتب والناشط في حزب العمل الإسرائيلي إيلي عمير إلى عوامل أخرى  ساهمت في إضعاف اليسار وحركات السلام وهي: التركيز على السياسة وتجاهل العدالة الاجتماعية والتغاضي عن يهود الدول العربية كقوة انتخابية احتضنهم زعماء اليمين. ويضيف عمير بأن اليسار وحركات السلام "تتبنى موقفا أحادي الجانب، يكرس اللوم للجانب الإسرائيلي مع التغاضي عن الأخطاء في الجانب الفلسطيني".

وتسود قناعة لدى أغلبية الجمهور الإسرائيلي بأن هناك مشكلة مع الشريك الفلسطيني أيضا. وقد تجلى ذلك في رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لما يعتبرونه "عرضا سخيا" تقدم به رئيس الوزراء السابق إيهود اولمرت من حزب كديما، تعيد بموجبه إسرائيل  98% من الأراضي المحتلة ويتم تبادل 2% من الأراضي بين إسرائيل والضفة الغربية.

"حركات السلام تؤثرا سلبا على فرص السلام" ويرى البروفسور ابراهام ديسكين، الخبير في السياسة المقارنة، في حوار مع دويتشه فيله، أن "الحركات السلمية اليوم، التي تمولها مصادر أجنبية، تتمثل في اليسار المتطرف الذي يؤثر سلبا على فرص السلام وعلى تحقيق اختراق ملموس". فهذه الحركات، وبتبنيها لموقف يساري متشدد، تدفع بالجانب الفلسطيني إلى "تبني مواقف أكثر تشددا تتلاءم مع مواقف اليسار الإسرائيلي".

الفرق بين اليمين واليسار
يزخر المشهد المدني الإسرائيلي بحركات سلمية عديدة غير أن "السلام الآن" ما زالت تتربع على العرش في مملكة الحركات الصغيرة التي تدعو للعدالة الاجتماعية وتدعم السلام بعدة أشكال ولها ربما الآف مؤلفة من المؤيدين. "لكن تعدد الفئات التي تقرع الطبول بصورة آنية يضعف من الأداء"، حسب أقوال الدكتور ايتان اميلي من القسم السياسي  في الجامعة العبرية لدويتشه فيله. كما أن حركة "السلام الآن" تعكس مواقف أقرب إلى المين ستريم مما أضر بنضالها".

اعداد ليندا منوحين عبد العزيز
\مراجعة احمد-حسو