١٩‏/٦‏/٢٠١٠

الصحافة في خدمة الزعامة


إن حرية الصحافة في الدول العربية لا تزال مكبلة بالكثير من السلاسل على الرغم من التحسن الذي طرأ على بعضها خلال السنوات الأخيرة. ترددت كثيرا في التطرق في هذا الموضوع لان الوضع لدينا لم يصل إلى الدرجة المثلى بعد. لكن تعاطفي مع الشعوب التي تعاني من حكامها رجح الكفة.

لفت نظري مقال مؤخرا، يرد فيه صحفي فلسطيني غاية المصداقية والجرأة على اتهامات وجهها له السفير الفلسطيني السابق لدى استراليا ، بسبب كشفه عن فضيحة مالية لدى السلطة الفلسطينية.

ووفقا لتصريحات السفير عن جريدة "دي استرليان " فان كل صحفي يكشف عن فضائح مالية في السلطة هو خائن، باعتبار الشعب الفلسطيني ضحية الصراع في الشرق الأوسط،، لذلك يجب أن يوجه الصحفي سهام النقد إلى الجانب الإسرائيلي باعتباره المسئول عن معاناة هذا الشعب "، وفقا لوجهة نظر السفير. وبرر الأساليب التي كانت تستخدمها أوربا في تصفية العملاء مما دفع بالصحفي الفلسطيني إلى الرد " بأنه لسعيد جدا أن يعيش في دولة إسرائيل في ظل الحرية والديمقراطية " ! لم استغرب. إذ أن الصحافة في إسرائيل لا ترحم وزيرا أو رئيس وزراء من النقد!

إن الأنظمة الحاكمة عموما لا تحب الانتقادات التي تعتبر أداة مهمة لمحاسبة السلطة في الأنظمة الديمقراطية. هذا الحال مغاير في الشرق الأوسط، فهناك دول أكثر انفتاحا للانتقاد وغيرها أكثر تشددا وصرامة تجاه الأصوات التي تنادي بالإصلاحات أو الشفافية باعتبار الحكام فوق القانون ! إن مراعاة مصلحة الشعب الفلسطيني هي التي دفعت بالصحفي الفلسطيني إلى الكشف عن أساليب مرفوضة مثل الفضائح المالية. وضرب الصحفي مثلا على انعدام المرونة لدى السلطة الفلسطينية لدى تعاملها مع الصحافة منذ عهد عرفات، كقيام كتائب الأقصى بكسر ذراعي صحفي لم تستسغ انتقاده ، فيما كالت مجموعة أخرى الضرب المبرح لصحفي فلسطيني لأنه نشر صورة حمار في غزة بدلا من نشر صورة عن معاناة أهل غزة .

خلال مؤتمر لتحسين التغطية الإعلامية في الشرق الأوسط حضرته في لندن مؤخرا، صعقت لسماع الوضع الذي آل إليه الصحفيون الذين يغطون الحرب الأهلية في العراق. حوالي 200 صحفي لاقوا مصرعهم لدى القيام بواجبهم الإعلامي. عن هذا الوضع تحدث ايتاي انغل الصحفي الإسرائيلي الذي يعمل في القناة الثانية في إسرائيل ولم يتوان عن تغطية الأخبار في العراق او أماكن أخرى مفعمة بالمخاطر وتدور فيها حروب طاحنة. وروى انغل كيف أن الصحفيين يتعاونون مع بعضهم على أساس إنساني ومصير مشترك في مثل هذه الظروف العصيبة. ولاشك أن فكرة عقد المؤتمر التي بادر اليها صندوق " نيكست جنيريشن فوانديشن " هي لفتة مهمة ، خصص فيها يومين دراسيين تطرقا إلى السبل الكفيلة بتحسين نوعية التغطية في ظل الضغوطات والقيود المفروضة على الصحافة في الشرق الأوسط ودور النقابات الصحفية في تأمين سلامة الصحفيين.

الجانب الثاني من المؤتمر كرس لتوزيع الجوائز على الصحفيين في الشرق الأوسط وفقا لاعتبارات صحفية ، بضمنهم 4 إسرائيليين. وأقيم حفل عشاء فخم في منتدى خريجي اوكسفورد وكمبردج في قلب لندن برعاية رجل أعمال سعودي في لفتة منقطعة النظير، ينتهجها منذ عدة سنوات بهدف بناء الجسور بين شعوب المنطقة. وعسى أن نحظى بالمزيد من هذه المؤتمرات التي تستقطب اهتمام المجتمع المدني الذي يؤثر في نهاية المطاف على الرأي العام في ظل الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الصحافة بما يخدم شعوب المنطقة.
 
نشر المقال في موقع الاخبار الرئيسية
 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق