٢٦‏/٨‏/٢٠١٠

معاريف 25/8/2010 من يريد المسجد؟


يقولون ان امرأة عراقية أُمية تلقت في الاربعينيات رسالة مسجلة. خرجت الى الشارع لطلب مساعدة، فرأت رجلا ذا منظر جليل وعلى رأسه كوفية. تقدمت اليه المرأة وطلبت منه ان يحل لها لغز الرسالة. مرت دقائق طويلة من غير ان يتلفظ الرجل بشيء. أدار الرسالة يسارا ويمينا يقربها ويبعدها، مع اظهار علامات الحرج. ضاقت المرأة ذرعا وقالت: 'أنت أفندي محترم، تضع كوفية ولا تعرف القراءة والكتابة؟'. أُهين الرجل حتى عمق نفسه، ووضع الكوفية على رأس السيدة وقال لها: 'تفضلي اقرئي'.

تجسد القصة فرضا أساسيا مخطئاً ينجح احيانا في تعتعة الساسة، وخاصة في ما يتعلق بالفروق الثقافية. يمكن ان نجد تعبيرا واضحا عن ذلك في القرار الذي اتخذه رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما على تأييد انشاء المسجد قرب مكان قضى فيه ثلاثة الاف امريكي نحبهم في عملية التوأمين. بيّن الرئيس انه بعثته اعتبارات حرية الديانة والعبادة، التي هي حجر الزاوية في الدستور والحضارة الامريكية. يتبين انه لا يعارض قرار اوباما اكثر الامريكيين فقط بل اكثر العالم العربي ايضا. يحسن أن يعلم اوباما الذي تراجع بعض الشيء عن كلامه، ان العرب تركوا الجدل في المسجد للمجتمع الامريكي ولم يشاركوا فيه. فهم يرون ان قرار اوباما لا حاجة له وليست له قيمة سياسية. تقديرات هذا الموقف العربي هي انه لا يوجد سكان مسلمون في واقع الامر في منطقة عمل المسجد؛ وانه لا نقص في عدد المساجد في الولايات المتحدة؛ وان مسجدا في قلب نيويورك التجاري قد يصبح متحفا فارغا؛ وان انشاء مسجد في المكان الذي حدثت فيه كارثة انسانية فظيعة فضلا عن أنه لا يخدم المسلمين قد يؤجج الغرائز على الاسلام بل قد يشجع ارهابيين على افعال مشابهة.

العالم العربي والاسلامي خائب الامل من الرئيس اوباما، لانه يشغل نفسه بشأن لا أهمية له في نظرهم، بدل تقديم حل صراعات تحمل كوارث وعلى رأسها الصراع العربي ـ الاسرائيلي. ان حرية العبادة في هذا المكان المحدد لا اهمية لها في نظرهم. 'لا يدرك الامريكيون ان محاربة الارهاب الاسلامي مشكلة المسلمين لا مشكلة الولايات المتحدة'، كتب المحلل خضير طاهر في الموقع العربي الشعبي 'ايلاف'. وهو يرى تغيير سياسة الولايات المتحدة نحو مواطنيها المسلمين ضرورة للقضاء على الارهاب داخلها. وقال انه من أجل ان تحرز الاذرع الامنية تعاونا مع المواطنين المسلمين، يجب أن تستعمل تهديدهم مثل سلبهم جنسيتهم الامريكية وطردهم من الدولة. بهذا فقط كما يزعم يمكن تربيتهم على مواطنية جيدة. وهو يدعو الامريكيين الى التخلي عن تصورات 'رومانسية' عن الحفاظ على حقوق المواطن الراسخة في عالم القيم الامريكي. يتخذ صاغة السياسات في الغرب، وعندنا احيانا، قرارات مخطئة عن تقديرات غير ذات صلة بعالم مفاهيم المتأثرين بالقرار بسبب فروق العقلية بين الشرق والغرب.

إن ابقار الغرب المقدسة مثل الديمقراطية وحقوق المواطن، هي قذى في عين العالم العربي الذي لم يتبنّ في أكثره الديمقراطية على أنها قيمة عليا. إزاء الجبهتين، العربية والامريكية الموحدتين في نظرتهما السلبية الى محاولة انشاء مسجد في قلب نيويورك، يفضل ان يرجع اوباما عن تأييده وان يحصر عنايته في حل ابداعي لمشكلات واقعية في منطقتنا.

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\25qpt76.htm&storytitle=ffمن يريد المسجد؟fff&storytitleb=صحف عبرية&storytitlec=

 






١٦‏/٨‏/٢٠١٠

مسرحية نصرالله/بقلم: ليندا منوحين/معاريف 16/8/2010

حتى الفيلم الهندي أكثر اقناعا من مسرحية حسن نصرالله" – هكذا وصف د. احمد مطر في صحيفة "ايلاف" العربية، المؤتمر الصحفي المغطى اعلاميا للامين العام لحزب الله حسن نصرالله قبل نحو اسبوع. وحاول نصرالله توجيه الشبهات لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في العام 2005 لاسرائيل.

التقارير في وسائل الاعلام العالمية بان رجال حزب الله مشبوهون بالضلوع في الاغتيال، من شأنها أن تعرض للخطر مكانة المنظمة ورئيسها ومستقبلهما السياسي.

الكثيرون في وسائل الاعلام العربية شخصوا علائم عصبية وتخوف لدى نصرالله، ليس فقط في لغة الجسد ونبرة الحديث بل وايضا في شكل عرض الحجج التي تربط اسرائيل زعما، بالتصفية. نصرالله على ما يبدو تلقى علامة التقدير الاعلى في محاولته تجنيد الرأي العام اللبناني في صالح الشبهات ضد اسرائيل. هذه حيلة مقبولة تنتشر في الدول العربية، وذلك في أنه اذا لم تكن معنا – فانت ضدنا. ومن يدعي بان اسرائيل غير مذنبة فالمعنى هو انه يعمل في صالح العدو.

ولكن عرض المعلومات والتهديدات المبطنة ساعدت، أغلب الظن، قليلا فقط في حملة العلاقات العامة لنصرالله. فقد وصف المحللون العرب العرض بانه سياسي ومدعٍ بعد أن بنى الامين العام لحزب الله توقعات عالية ولكنه فشل بسبب انعدام وجود براهين وارتباطات لعدة مواضيع لا يرتبط الواحد بالاخر.

نصرالله كسب الوقت اساسا. رئيس المحكمة الدولية دانييل بلمر توجه فورا الى الحكومة اللبنانية وطلب ان يتلقى لغرض الفحص المواد التي عرضت في المؤتمر الصحفي. وزير في حزب الله اعلن بانه سينقل المواد دون أن يتعهد بالموعد. يحتمل انه بسبب ذلك سيؤجل نشر الاستنتاجات حتى الانتهاء من فحص المواد الجديدة.

د. مطر يطرح اسئلة عديدة حول ملابسات تصفية شخصيات سياسية بارزة في اعقاب اغتيال الحريري، لم يتطرق اليها نصرالله: موت وزير الداخلية السوري غازي كنعان بعد سبعة اشهر من تصفية الحريري، وعماد مغنية، رئيس الامن في حزب الله، الذي قتل في المنطقة التي تسيطر عليها المخابرات السورية. وبهذه الاقوال يلمح مطر بان سوريا نجحت بكفاءة عالية في أن تبعد أي اشتباه عنها.

اللبنانيون، وربما كل العرب، كان يسرهم جدا لو تبينت الشبهات التي يطرحها نصرالله ضد اسرائيل راسخة بما فيه الكفاية من أجل انقاذ لبنان. الاختبار الذي ينتظر لبنان هو الحسم بين احقاق العدل وبين الاستقرار السياسي. صحيح أن العديد من اللبنانيين يرون في ذلك فرصة للقضاء على الاغتيالات السياسية، الا ان من الواضح للجميع ان المجتمع اللبناني بكل اقسامه متعلق بما يصدر عن لسان نصرالله، الذي اصبح الشرطي الحقيقي في لبنان. فقد أثبت قدرته على ايقاع الخراب والدمار على دولته.

في هذه الايام تطرح سيناريوهات عديدة لانقاذ جلدة نصرالله – ليس انطلاقا من محبته، بل خوفا من اغضابه. لحكومة لبنان مصلحة في الحفاظ على الاستقرار السياسي للائتلاف الذي يشارك فيه نصرالله. سعد الحريري، رئيس الوزراء الحالي يعرف ان اسرائيل غير ضالعة في اغتيال ابيه، ولكنه ملزم بالسير على الحبل الدقيق الذي يواصل فيه منح الثقة للمحكمة الدولية من جهة ومن جهة اخرى يتظاهر بان هناك مصلحة عامة في المواد الجديدة التي عرضها نصر الله في جهة اسرائيل. هذه حرب بقائه وبقاء بلاده.


http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\16qpt76.htm&storytitle=ffمسرحية نصراللهfff&storytitleb=صحف عبرية&storytitlec=