٢٨‏/١١‏/٢٠١٠

من قال ان العرب ساكتون؟ نشر في القدس العربي المصدر - معاريف - مقال – 24/11/2010

يجدر إشعال شمعة بدل شكوى الظلام. هذا الشعار ينطبق تماما عندما يشعرون في البلاد أن الاسلام المتطرف يرفع رأسه بلا عائق والعالم العربي ساكت. احدى علامات ذلك، الفتاوى في العالمين الاسلامي واليهودي، اللذين نشأت بينهما فجوة لا يتصور سعتها. أخذ عالم الفتاوى يكبر في الانترنت ايضا تحت تصنيفات كثيرة. يمكن أن نجد في "غوغل" ما يزيد على 6 ملايين ذِكر عندما نُقدم كلمة "فتوى"، تغذي ربع سكان العالم أي نحوا من 1.7 مليار. في مقابلة ذلك يوجد 100 ألف ذِكر لفتاوى يهودية، يعتمد عليها على الأقل جزء من 15 – 20 مليون يهودي في العالم. توجد في الاسلام كما في اليهودية ايضا محاولة تسييس الدين. قرأت مقالة نقدية شديدة اللهجة بالعربية عن الحاخام الرئيس في صفد، شموئيل الياهو، الذي نشر فتوى تحظر على يهودي إيجار العرب شقة، ونُشر في الاردن فتوى تدعو الى القطيعة مع سلعة زراعية من اسرائيل. لكنهم كما يقولون في اللهجة العامية العراقية "ما العلاقة بين البامية ورقص الصالون؟"، أي ما العلاقة بين الشريعة وهذه الموضوعات؟.
يمكن أن نجد مثالا على ذلك ايضا في عنوان صحفي اجتذب انتباهي: "هل يجوز تقبيل رأس ابن لادن"، سأل عنوان مقالة طارق الحميد، محرر صحيفة "الشرق الاوسط"، التي تصدر في لندن، والتي تُحذر من فتاوى تخالف كل منطق سليم بل تدهور المجتمع العربي نحو تعريض الوحدة الاجتماعية للخطر. تحظر الفتوى التي صدرت مؤخرا في السعودية على الأبناء تقبيل رؤوس آبائهم اذا لم يكونوا يقيمون الصلاة كما يطلب الشرع، والمفارقة الساخرة التي يشير إليها الحميد انه بحسب مقياس هذه الفتوى يستطيع أبناء ابن لادن تقبيل رأسه برغم أفعاله الآثمة.
تبيّن أن اولادا كثيرين أهملوا بيوت آبائهم لان فتاوى مختلفة غريبة تُمكّنهم من انتقاد الآباء والحكم عليهم قبل بلوغ النضج. على سبيل المثال، يشكو سعودي كان ابنه مشاركا في عمل ارهابي من ذلك قائلا "ربّيناهم 18 سنة وغيّرهم آخرون في 6 اشهر". رأينا أمثلة على ذلك ايضا عند حماس التي تُجند شبانا لمهامها الآثمة باسم الاسلام.
لا يريد ليبراليون عرب النظر في القمقم بل فيما يوجد فيه. إن اقامة الفرائض الدينية من اجل تقديم العلاقات العامة تغطية على الافعال الآثمة مرفوض. والفتاوى التي تشوه الاسلام وتُعرض في محطات الاقمار الصناعية فضلا عن أنها تُحرج المثقفين هي اسوأ من ذلك لانها تُفسد الشبان الذين يسقطون في نهاية الامر مثل ثمرة ناضجة في أيدي المتطرفين الاسلاميين.يبدو أن حقيقة أن نصف سكان العالم العربي لا يعرفون القراءة والكتابة تساعد المتطرفين على عملهم. يجري في الآونة الأخيرة نقاش متيقظ في وسائل اعلام عربية لمسألة حكم الاسلام الى جانب نظام مباديء غربية. كذلك لا يغض الانتقاد النظر عن فتاوى سخيفة، بدل تقديم التربية التي هي مفتاح العالم العربي للخلاص من الفقر والتخلف. فمن قال اذا أن العرب ساكتون؟

مدينة اللد- نموذج للتعايش بين العرب واليهود في اسرائيل

من اجل استعادة تاريخ مدينتهم الحافل بالمآثر الشاهدة على تعايش الثقافات والأديان عبر مئات السنين أطلقت شخصيات عربية ويهودية مبادرة مشتركة لتطوير مدينة اللّد، يأملون أن تشكل نموذجا للتعايش داخل إسرائيل وفي المنطقة عموما.

تبنت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا برنامجا لاستثمار 130 مليون شيكل إسرائيلي في مدينة اللّد في أعقاب حوادث العنف التي عصفت بالمدينة، بهدف توفير الأمن لسكان اللّد والارتقاء بمستوى معيشتهم. وتقتضي الخطة جمع الأسلحة غير القانونية وترميم البني التحتية وتطوير الخدمات على جميع الأصعدة.

جاءت هذه الخطة بعد إهمال طويل للمنطقة الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات العنف ورواج المخدرات بسبب الظروف الاقتصادية المتردية وسوء الإدارة البلدية، غير أن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت ثلاثة حوادث قتل خلال شهر واحد، تركت سحابة ثقيلة على المدينة.

اللّد تزخر بالآثار
يتميز سكان اللّد البالغ عددهم 75 ألف نسمة بخلفيات متعددة الثقافات والأديان منهم 27 في المائة من العرب. وتتمتع المدينة بموقع جغرافي وتاريخ حافل، يرشحها أن تتربع على الخارطة السياحية على المستوى المحلي والعالمي، فهي قريبة من كل من تل أبيب والقدس وعلى مرمى حجر من مطار إسرائيل الدولي.

وتعتبر اللّد أقدم مدينة في إسرائيل حيث عايشت حضارات عدة على مدار 8000 سنة متواصلة وكانت عاصمة لجميع الثقافات التي حلت بالمنطقة منذ العصر الحجري وحتى عام 1948، وهي تزخر بمواقع أثرية للأديان الثلاثة، منها الجامع العمري الذي أمر ببنائه الظاهر بيبرس في عهد المماليك وكنيسة القديس جورجيوس التي تعرف بالخضر من القرن الثالث الميلادي.

الشراكة مفتاح التعايش

تم مؤخرا إنشاء صندوق لتطوير اللّد بمبادرة مدنية من قبل شخصيات من مختلف الطوائف، يجمعها قاسم مشترك هو إعادة اللّد إلى مجدها. ويسعى الصندوق للحصول على دعم حكومي وأهلي في الداخل والخارج، لمشاريع متنوعة في المدينة ولفت الانظار إلى حاجة المدينة إلى التنمية والتطوير.

وفي لقاء دويتشه فيله مع مؤسس الصندوق ابيب باسرمان، يتحدث ابيب بلهفة وحرارة عن البوادر الايجابية في المدينة قائلا إن من أهم مقومات العمل هي التعدد الثقافي، المساواة، والشراكة التي أثبتت نجاعتها بمئات المتطوعين من جميع الأطياف، ضاربا مثلا على ذلك بمبادرة " نعم إننا نستطيع" لتقوية اللغة الانكليزية لدى طلاب المدارس الذين يتلقون الدروس من متطوعين، لغتهم الأصلية انكليزية، وبرنامج الموسيقى "مدينة تعزف" الذي يشمل 250 طالبا يهوديا وعربيا. ويقول مدير الصندوق إنه انتقل إلى السكن في مدينة اللد مع زوجته ليكون مثالا يحتذي به وحوّل منزله الخاص إلى ساحة للتوفيق بين جميع الأطياف في المدينة، مشيرا إلى أنه نجح في استقطاب رجال أعمال وكبار الموظفين في الدولة إضافة إلى الدبلوماسيين والمتبرعين من الخارج لدعم المجهود المحلي.

وفي حديث آخر مع عصام براغيثي الذي يدير مدرسة لتنمية المواهب الرياضية لدى الأطفال والشبيبة يقول لدويتشة فيلة إن هذه المدرسة تعمل على تجسيد الروح الرياضية والتفوق في الأداء لدى الأطفال والشبيبة كما أنها توفر إطارا واقيا يحول دون اختلاطهم "بعناصر سلبية في الشوارع"، لاسيما في ظل غياب الأطر التربوية أثناء الفراغ المدرسي،

فنانة عربية تتعاطف

 وانطلق مؤخرا مهرجان "ألف ليلة ولدّ"، ترجمةَ لتكاتف الجهود بين جميع أقطاب المدينة. وتوافد الآلاف من ابرز الشخصيات في البلاد وكذلك دبلوماسيين وفنانين مثل الفنانة العربية ميرا عوض التي قالت لدويتشة فيلة:"صحيح أن النشاطات التربوية لا يمكنها حل مشاكل المدينة، غير أنها قادرة على تخفيف الشعور بالعزلة ومنح السكان الشعور بأنهم يعيشون حياة طبيعية ". وردا على سؤال لدويتشة فيلة عن اسباب اهتمام الفنانين باللّد قالت عوض:"انه يعكس المشاعر الصادقة تجاه سكان اللّد عربا ويهودا". غير أن الصحفية اللّدية حرية السعدي تبدو اقل تفاؤلا من غيرها، على الرغم من تثمينها النتائج التي حققها صندوق تطوير مدينة اللّد، معتبرة أن هناك حالة من اليأس وعدم الثقة لدى السكان بأن الأمور ستتغير نحو الأفضل.

نموذج للتعايش

لا يزال صندوق اللّد في أول دربه ولعل ابرز انجازاته هو خلق بصيص من الأمل وزرع روح المبادرة والشعور بالانتماء في النفوس الطيبة، التي ترفض أن ترضخ للأمر الواقع. ويؤمن أصحاب المبادرة إلى تأسيس هذا الصندوق القائمون بأن نجاح المجهود المشترك سيؤثر ليس على مصير مدينة اللد فحسب، بل سيشكل نموذجا للتعايش بين اليهود والعرب داخل إسرائيل عموما بل وفي الشرق الأوسط قاطبة.


١٢‏/١١‏/٢٠١٠

إسرائيل تجعل العربية إلزامية في مدارسه نشر في دويتشة فيلة


السبت 02 أكتوبر 2010

قوبل قرار وزارة المعارف بإلزام المدارس اليهودية  الابتدائية في شمال إسرائيل بتعلم اللغة العربية ابتداء من هذا العام الدراسي بترحاب شديد من جميع الأطياف السياسية. كما رأت فيه النائبة العربية في الكنيست الإسرائيلية حنين زعبي ( التجمع الوطني الديمقراطي) اعترافا بالهوية القومية وليس باللغة فقط. وبموجب هذا القرار تستخدم للمرة الأولى 55 معلمة عربية من الأكاديميات تتقنّ اللغة العربية والعبرية للتعليم في المدارس العبرية.
 
ويشرح الدكتور شلومو ألون المفتش العام في وزارة المعارف سمات هذه الخطوة لدويتشه فيله بالقول "هذا التوجه يحمل معه تفاعلا جديدا بين الطلاب والمعلمات للتعرف على العادات والتقاليد والحضارة العربية".  ويضيف ألون لدويتشه فيله بأن وزارته "رصدت ثماني مدربات للمعلمات من أجل ضمان نجاح المشروع وهو رقم قياسي بالمقارنة مع مدرب أو اثنين لكل لواء".
 
تنافس العلوم مع اللغة
واجتازت إسرائيل تحديات عديدة على مدى تاريخها خلال 62 عاما في تعليم اللغة العربية التي تعتبر ثاني لغة رسمية في البلاد يتم التعامل بها في جميع الدوائر الحكومية بعد اللغة العبرية. وعن هذه  التحديات يقول البروفسور ساسون سوميخ رئيس قسم الأدب العربي في جامعة تل أبيب سابقا لدويتشه  فيله :" كان جهاز التعليم يفتقر إلى معلمين إسرائيليين أكفاء، ومن ناحية ثانية لم يكن المعلمون العرب يشعرون بالارتياح للتعليم في مدارس ابتدائية إسرائيلية في بداية نشأة الدولة قبل تمكنهم من اللغة التي يتحدث بها التلاميذ".
وتدل معظم الإحصائيات أن إسرائيل تعتبر أغنى دولة في العالم بعدد علمائها بالمقارنة مع مساحتها مما يعكس توجه المجتمع إلى آفاق علمية وتقنية، بالدرجة الأولى، تدفع الطلاب في مرحلة التوجيهي، في بعض الأحيان ولأسباب عملية، إلى تفضيل لغة أجنبية أكثر شيوعا في الصناعات المتطورة.
ولعلّ أكثر الأسباب تأثيرا للابتعاد عن اللغة العامية الدارجة تكمن في أن غالبية الطلاب اليهود والعرب في دولة إسرائيل يتعلمون في أطر تربوية منفصلة. أضف إلى ذلك أن اللغة العربية في الجهاز التربوي اليهودي اختيارية.
العلم في الصغر كالنقش على الحجر
وقد اختارت وزارة المعارف تطبيق هذه التجربة في منطقة الجليل بشمال إسرائيل وعلى تلاميذ الصف الخامس، الذين يبلغ معدل أعمارهم عشر سنوات. ويذكر الدكتور شلومو ألون سببين لهذا الاختيار ويقول "إن هذا جيل بعيد عن السياسة والآراء المسبقة وشغله الشاغل هو النجاح في التعليم وبالتالي فان اللغة تثير لديه تعاطفا لفهم الآخر، لاسيمّا وأن الجليل منطقة مأهولة بالعرب" . 
وكان عادي الدار، رئيس بلدية كرميئيل ورئيس مجلس السلطات المحلية  في إسرائيل سابقا،  وهو من أصل عراقي، أول المبادرين إلى تطبيق البرنامج في المدارس الابتدائية.  وقد أبصرت هذه المبادرة النور قبل خمس سنوات وذلك كدراسة تجريبية في 15 مدرسة ونمت منذ ذلك الحين لتشمل 240 مدرسة.
وعن هذا المشروع يقول الدار لدويتشه فيله "إننا نعيش في بيئة عربية ونتعامل معها باستمرار، الأمر الذي يحتم على كل فرد في دولة إسرائيل تعلم اللغة العربية والحضارة العربية لتمهيد السبيل للتعاون المشترك بين أبناء الشعبين وتعميق التفاهم".
معطيات مشجعة
وبالرغم من كل التحديات، فإن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى في العالم  في عدد المعلمين للغة العربية بالمقارنة مع دول أخرى تشبه حالتها عموما. إذ يتجاوز هذا العدد أربعة أضعاف عدد المعلمين في الولايات المتحدة، التي يقطنها ملايين العرب. ويبلغ عدد معلمي اللغة العربية في إسرائيل أكثر من 1000 معلم، معظمهم من اليهود الذين يهتمون بتعليم اللغة الفصحى؛ علما أن الاتجاه يتغير الآن نحو تعليم اللغة العامية تدريجيا.
ويلاحظ القائمون على تعليم اللغة العربية أن الإقبال على امتحانات الثانوية باللغة العربية في ازدياد مطرد. فقد ارتفع عدد التلاميذ من 1500 في عام 2000 إلى 2200 في العام 2010. كما أن هناك المئات من التلاميذ الذين ينجحون في مادة "العالم العربي والإسلام" في الامتحانات الثانوية. كذلك يفضل 60% من تلاميذ الثانوية تعلم اللغة العربية كلغة ثانوية بعد الانكليزية واجتياز الامتحان الموسع، على تسع لغات أخرى مثل الفرنسية والروسية.
 لا شك في أن إتقان اللغة العربية والتعرف على الثقافة العربية سيؤديان إلى الحدّ من المخاوف والأحكام المسبقة وتعزيز الالتزام بتبني النهج الديمقراطي والتسامح، والفهم المتبادل بين اليهود والعرب. وهو الفهم الذي يعتمد على الاحترام المتبادل والمساواة مع الإشارة إلى أن هذه المبادرة ستحث الجيل المقبل من القياديين على بناء مستقبل مشترك.

١١‏/١١‏/٢٠١٠

تفضيل الباليه على رقص البريك دانس

توصية باتباع الدبلوماسية القائمة على "الخطوات الناعمة والمدلولات المزدوجة للكلمات" مع أنقرة

ما زالت "تل أبيب" تعاني فعلاً من تبعات تدهور العلاقات المتزايد مع أنقرة، بالرغم مما يوصف بـ"المكابرة" التي تتبعها بعض الوزارات والمسؤولين "الإسرائيليين"، إلا أن ذلك سيترك آثاره بلا شك على مستقبل هذه العلاقات، ووضع "إسرائيل" في منطقة الشرق الأوسط.
الباحثة "الإسرائيلية" ليندا منوحين، أعدت تقريراً نقدياً حول تراجع منسوب العلاقات "الإسرائيلية" التركية بصورة غير مسبوقة منذ أحداث مجزرة الأسطول، موجهة جل اتهامها إلى دوائر صنع القرار في "تل أبيب" التي لم تقدر بعد حجم وأهمية وخطورة الطريق الملغومة التي تسير فيها علاقات البلدين.
الرقص مع الأتراك:
وقد اعتبرت "منوحين" في تقديرها أن الدبلوماسية في الشرق الأوسط تقوم على الخطوات الناعمة والمدلولات المزدوجة للكلمات، وهذا هو الأسلوب الذي يجب أن يتبعه الجانب الصهيوني مع تركيا. وأكدت أن تركيا انتقدت السياسة الصهيونية بخصوص حصار غزة، ووطدت علاقاتها مع سوريا وإيران فقط لتعزيز مصالحها الإقتصادية، ولذلك يجب على "إسرائيل" البحث عن مصالح مشتركة تجمعها مع تركيا مرة أخرى.
وتشير الباحثة بصورة ملفتة للنظر إلى ملف يبدو خطيراً الاقتراب منه من قبل دوائر صنع القرار في تركيا، لكنه في الأروقة الإسرائيلية بدأ يأخذ طريقاً بصورة متسارعة في السنوات الأخيرة، والمقصود به أن تكون هذه المصلحة المشتركة بين تل أبيب وأنقرة هي "إقليم كردستان"، الذي يشهد مشروعاً تنموياً ضخماً يشكِّل فرصة لكلا الاقتصادين التركي والإسرائيلي، علماً بأن الأكراد هم شركاء في أي ائتلاف حكومي عراقي، ولهم صوت مسموع في تحديد السياسة العراقية المستقبلية تجاه إسرائيل. وفي حين تسعى "إسرائيل" مؤخراً إلى توطيد علاقاتها مع اليونان نكاية في تركيا، فإنها لا تبتدع جديداً في سياستها الخارجية، لأنها سياسة متبعة منذ أيام أول رئيس وزراء إسرائيلي "ديفيد بن غوريون"، لتوطيد العلاقات مع دول بعيدة نسبياً عن إسرائيل مثل إيران وإثيوبيا وتركيا.
تغيرات جيوسياسية:
الأوساط "الإسرائيلية" تبدي قناعتها بأن التغيّرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، ساهمت بلا شك في التقارب الحاصل والمتزايد بين تركيا وسوريا وإيران، بعد فترة من القطيعة والتوتر، أوشكت الأمور فيها على الانزلاق إلى الحرب بسبب الخلافات بشأن موارد المياه والحدود والأمن.
وعملت هذه التغيرات من وجهة نظر صهيونية من جانب آخر على تقليص المصالح الإستراتيجية التركية مع إسرائيل، في ضوء تبني أنقرة لسياسة "تصفير الخلافات" مع جميع جيرانها من منطلق تعزيز المصالح الاقتصادية. ويسرد التقدير الذي أعدته "منوحين" عدداً من الأحداث والسلوكيات السياسية التي أقدمت عليها تركيا في عهد رئيس الحكومة الحالية "رجب طيب أردوغان"، وتدل جميعها على أن المصالح هي التي تحرك العالم، ولذلك وتعزيزاً لمصالحها فقد اتخذت تركيا الخطوات التالية:
سارعت أنقرة إلى مهاجمة تل أبيب بسبب حصارها لغزة

 قامت بالتصويت في مجلس الأمن ضد فرض عقوبات على إيران.
.رفضت السماح للطائرات الأمريكية بالتزود بالوقود من أراضيها عشية غزو العراق.
مساحة للمناورة:
يواصل التقدير تحليله بانتظار انقشاع هذه الغيمة عن العلاقات "الإسرائيلية" التركية بالقول: إنّ الدبلوماسية مثل "رقص الباليه" تحتاج إلى حركات متناسقة سلسة ناعمة، والحكومة "الإسرائيلية" الحالية لا تجيد إلاّ "رقص الديسكو" الذي يعتمد على الحركات الحادة المتقلبة مثل تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بأن إسرائيل لا ترغب في أية وساطة تركية بينها وسوريا في أعقاب حادث قافلة أسطول الحرية.
أكثر من ذلك، ترى الباحثة أن الدبلوماسية في الشرق الأوسط تُدار وفقاً لمبادئ رقص الباليه والبلاغة التي تتسم بها اللغة العربية، فدائماً ما تجد أهم المعاني والرسائل بين السطور.
وتشير إلى أن زيارة "نتنياهو" إلى اليونان في تموز الماضي شكلت خطوة إستراتيجية ممتازة تهدف إلى توطيد العلاقات معها في ضوء توتّر علاقاتنا مع أنقرة نتيجة الهجوم الإسرائيلي على سفنها. وهنا يستردك التقدير: لكن الأسلوب الذي تمّ به اتخاذه هذه الخطوة كان حاداً وفظاً مثل "رقص الديسكو"، وتضمنت الزيارة "الإسرائيلية" إلى اليونان قدراً مبالغاً فيه من التفاخر والتباهي والظهور، فكان الأمر أشبه بزوجين انطفأت جذوة الحب بينهما، فحاول الزوج مغازلة امرأة أخرى لإثارة غيرة زوجته!
في الختام، تطالب "مينوحين" بأن تعطي إسرائيل لنفسها مساحة للمناورة، وتبنِّي خطاب مزدوج قائم على الطريقة المتبعة في الشرق الأوسط، والتحرك في عدة اتجاهات دون التعارض في ما بينها لتعزيز المصالح الإستراتيجية للدولة.
موقع قضايا مركزية
نشر في واي نت. عن العبرية، ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية