١١‏/١١‏/٢٠١٠

تفضيل الباليه على رقص البريك دانس

توصية باتباع الدبلوماسية القائمة على "الخطوات الناعمة والمدلولات المزدوجة للكلمات" مع أنقرة

ما زالت "تل أبيب" تعاني فعلاً من تبعات تدهور العلاقات المتزايد مع أنقرة، بالرغم مما يوصف بـ"المكابرة" التي تتبعها بعض الوزارات والمسؤولين "الإسرائيليين"، إلا أن ذلك سيترك آثاره بلا شك على مستقبل هذه العلاقات، ووضع "إسرائيل" في منطقة الشرق الأوسط.
الباحثة "الإسرائيلية" ليندا منوحين، أعدت تقريراً نقدياً حول تراجع منسوب العلاقات "الإسرائيلية" التركية بصورة غير مسبوقة منذ أحداث مجزرة الأسطول، موجهة جل اتهامها إلى دوائر صنع القرار في "تل أبيب" التي لم تقدر بعد حجم وأهمية وخطورة الطريق الملغومة التي تسير فيها علاقات البلدين.
الرقص مع الأتراك:
وقد اعتبرت "منوحين" في تقديرها أن الدبلوماسية في الشرق الأوسط تقوم على الخطوات الناعمة والمدلولات المزدوجة للكلمات، وهذا هو الأسلوب الذي يجب أن يتبعه الجانب الصهيوني مع تركيا. وأكدت أن تركيا انتقدت السياسة الصهيونية بخصوص حصار غزة، ووطدت علاقاتها مع سوريا وإيران فقط لتعزيز مصالحها الإقتصادية، ولذلك يجب على "إسرائيل" البحث عن مصالح مشتركة تجمعها مع تركيا مرة أخرى.
وتشير الباحثة بصورة ملفتة للنظر إلى ملف يبدو خطيراً الاقتراب منه من قبل دوائر صنع القرار في تركيا، لكنه في الأروقة الإسرائيلية بدأ يأخذ طريقاً بصورة متسارعة في السنوات الأخيرة، والمقصود به أن تكون هذه المصلحة المشتركة بين تل أبيب وأنقرة هي "إقليم كردستان"، الذي يشهد مشروعاً تنموياً ضخماً يشكِّل فرصة لكلا الاقتصادين التركي والإسرائيلي، علماً بأن الأكراد هم شركاء في أي ائتلاف حكومي عراقي، ولهم صوت مسموع في تحديد السياسة العراقية المستقبلية تجاه إسرائيل. وفي حين تسعى "إسرائيل" مؤخراً إلى توطيد علاقاتها مع اليونان نكاية في تركيا، فإنها لا تبتدع جديداً في سياستها الخارجية، لأنها سياسة متبعة منذ أيام أول رئيس وزراء إسرائيلي "ديفيد بن غوريون"، لتوطيد العلاقات مع دول بعيدة نسبياً عن إسرائيل مثل إيران وإثيوبيا وتركيا.
تغيرات جيوسياسية:
الأوساط "الإسرائيلية" تبدي قناعتها بأن التغيّرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، ساهمت بلا شك في التقارب الحاصل والمتزايد بين تركيا وسوريا وإيران، بعد فترة من القطيعة والتوتر، أوشكت الأمور فيها على الانزلاق إلى الحرب بسبب الخلافات بشأن موارد المياه والحدود والأمن.
وعملت هذه التغيرات من وجهة نظر صهيونية من جانب آخر على تقليص المصالح الإستراتيجية التركية مع إسرائيل، في ضوء تبني أنقرة لسياسة "تصفير الخلافات" مع جميع جيرانها من منطلق تعزيز المصالح الاقتصادية. ويسرد التقدير الذي أعدته "منوحين" عدداً من الأحداث والسلوكيات السياسية التي أقدمت عليها تركيا في عهد رئيس الحكومة الحالية "رجب طيب أردوغان"، وتدل جميعها على أن المصالح هي التي تحرك العالم، ولذلك وتعزيزاً لمصالحها فقد اتخذت تركيا الخطوات التالية:
سارعت أنقرة إلى مهاجمة تل أبيب بسبب حصارها لغزة

 قامت بالتصويت في مجلس الأمن ضد فرض عقوبات على إيران.
.رفضت السماح للطائرات الأمريكية بالتزود بالوقود من أراضيها عشية غزو العراق.
مساحة للمناورة:
يواصل التقدير تحليله بانتظار انقشاع هذه الغيمة عن العلاقات "الإسرائيلية" التركية بالقول: إنّ الدبلوماسية مثل "رقص الباليه" تحتاج إلى حركات متناسقة سلسة ناعمة، والحكومة "الإسرائيلية" الحالية لا تجيد إلاّ "رقص الديسكو" الذي يعتمد على الحركات الحادة المتقلبة مثل تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بأن إسرائيل لا ترغب في أية وساطة تركية بينها وسوريا في أعقاب حادث قافلة أسطول الحرية.
أكثر من ذلك، ترى الباحثة أن الدبلوماسية في الشرق الأوسط تُدار وفقاً لمبادئ رقص الباليه والبلاغة التي تتسم بها اللغة العربية، فدائماً ما تجد أهم المعاني والرسائل بين السطور.
وتشير إلى أن زيارة "نتنياهو" إلى اليونان في تموز الماضي شكلت خطوة إستراتيجية ممتازة تهدف إلى توطيد العلاقات معها في ضوء توتّر علاقاتنا مع أنقرة نتيجة الهجوم الإسرائيلي على سفنها. وهنا يستردك التقدير: لكن الأسلوب الذي تمّ به اتخاذه هذه الخطوة كان حاداً وفظاً مثل "رقص الديسكو"، وتضمنت الزيارة "الإسرائيلية" إلى اليونان قدراً مبالغاً فيه من التفاخر والتباهي والظهور، فكان الأمر أشبه بزوجين انطفأت جذوة الحب بينهما، فحاول الزوج مغازلة امرأة أخرى لإثارة غيرة زوجته!
في الختام، تطالب "مينوحين" بأن تعطي إسرائيل لنفسها مساحة للمناورة، وتبنِّي خطاب مزدوج قائم على الطريقة المتبعة في الشرق الأوسط، والتحرك في عدة اتجاهات دون التعارض في ما بينها لتعزيز المصالح الإستراتيجية للدولة.
موقع قضايا مركزية
نشر في واي نت. عن العبرية، ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق